انطلقت مساء اليوم الاثنين بالمركز الدولي للمؤتمرات في نواكشوط أعمال الجلسة الأولى للحوار السياسي الوطني بين أحزاب الأغلبية المدعمة والمعاهدة من اجل التناوب السلمي على السلطة والمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة .
و مثلت الأطراف المتحاورة في هذا اللقاء بوفود ترأس فيها جانب الحكومة والأغلبية المدعمة الأستاذ سيد محمد ولد محم والمعاهدة من اجل التناوب السلمي على السلطة الدكتور عبد السلام ولد حرمة، فيما ترأس وفد المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة السيد يحي ولد احمد الوقف. وتميز حفل الافتتاح بخطابات لرؤساء الوفود المشاركة عبروا فيها عن استعدادهم لإجراء حوار صادق وفي هذا السياق ألقى رئيس وفد الحكومة والأغلبية المدعمة خطابا هذا نصه: "يسرني أن أكون بينكم اليوم صحبة معالي وزير العدل والسيد رئيس ائتلاف أحزاب الأغلبية والإخوة ممثلي الأغلبية وزعاماتها كأقوى تعبير من الحكومة والأغلبية، عبر هؤلاء الأشخاص ومواقعهم ومكاناتهم عن ما نوليه لهذا اللقاء من أهمية قصوى وما نعول عليه من نتائج يمكن آن يسفر عنها لو توافرت لدينا الإرادات القوية في تجاوز حساباتنا الضيقة وخلافاتنا الآنية ووضعنا مصالح البلد فوق كل اعتبار . إن التجربة أثبتت في كل مرة أن الموريتانيين حين يتحاورون وتتوافر لديهم الإرادة القوية في تجاوز خلافاتهم قادرون دائما على خلق وإيجاد حلول خلاقة لكل مشاكلهم وهو ماعزز دوما من مستوى ممارستنا الديمقراطية وقوى من أدائنا السياسي والمؤسسي واظهر ساحتنا الديمقراطية كأكثر الساحات الديمقراطية حراكا وحيوية ،وهو ما جعل من تجربتنا الديمقراطية على حداثتها تجربة تضاعي تجارب عريقة في المنطقة بل وتتجاوز ها في نقاط وأبعاد متعددة . إننا البلد الوحيد ربما في شبه المنطقة الذي رفعت الدولة يدها بالكامل عن العملية الانتخابية وأصبحت تدار من طرف لجنة مستقلة يختارها أقطاب المشهد السياسي بالتوافق المطلق ،كما أننا من البلدان التي تملك حالة مدنية وفق أكثر أنظمة الحالة المدنية دقة وتحصينا في العالم ،إضافة إلى ما انجزناه من تراكم في الخبرة أثمرته حواراتنا ولقاءاتنا السابقة من نصوص وترتيبات تنظيمية تشكل ترسانة قانونية وإدارية متكاملة وملائمة لحاجياتنا ومتطلبات واقعنا وخصوصياته ومفرداته الدقيقة ،دون أن انسي ما يعرفه البلد من ازدهار وتطور متسارع في مجال الحريات العامة فردية وجماعية . وبالإضافة إلى المكاسب الديمقراطية فان المكاسب التي حققتها بلادنا في مجال الأمن والسياسة الخارجية قاريا وعربيا ودوليا وما حازته من ثقة شركائها الاقتصاديين أشقاء وأصدقاء ،هي في الحقيقة ليست لنا كحكومة اواغلبية بل هي ملك للأمة الموريتانية على كل موريتاني أن يحافظ عليها ويسهر على تعزيزها . السادة الحضور لقد عرفت علاقاتنا في كل المراحل حالات مد وجزر واستقرار وترحال من موقع إلى آخر وتقاطع وتباين ،ورغم كل ذلك فان الحكومة مجسدة بذلك الإرادة السياسية القوية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز لتؤكد لكم اليوم وللرأي العام الوطني جديتها وصدقها واردتها في أن تدفع بمشاوراتكم وحواراتكم هذه حتى تصل إلى كل غاياتها وأهدافها وان تضع نتائجها بالتشاور مع كل ألوان الطيف السياسي الوطني موضع التنفيذ . لقد أثبتنا في كل الحوارات السابقة وشهودنا فيها شركاؤنا بأننا شريك جدي وصادق يحترم ويقف بقوة عند التزاماته وتعهداته ،وهو ما نؤكد اليوم مضينا فيه بكل عزم وإصرار والله يسدد خطانا ويحفظ بلادنا من كل سوء . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبدوره ألقى الدكتور عبد السلام ولد حرمه رئيس وفد أحزاب المعاهدة من أجل التناوب السلمي على السلطة خطابا جاء فيه: "منذ أن نشأت الحضارة وانتظم الانسان في مجموعات بشرية يحكمها النظام والقانون ومبادىء التعايش الاجتماعي والتدبير المشترك ظهرت الحاجة للحوار الذي هو سمة الانسان المدني الأولي في تنمية تفكيره واغناء مواهبه من جهة ووسيلته الوحيدة في إيصال وجهة نظره ورؤيته للكون ولمحيطه الطبيعي الذي تحتم عليه الفطرة السليمة ونواميس الكون الانفتاح عليه والتفاعل الدائم معه. ولاشك أن الحاجة إلى الحوار ظلت تنمو مع كل حقبة من حقب تطور الانسان وقاربت مداها الكامل في زمننا الحالي الذي اتحد فيه الكون على نحو مذهل وتجانست تحدياته واختلطت رؤآه وتشابكت مصالحه على نحو لم يعد بامكان أمة فيه ولا قارة بكاملها أن تقرر مصيرها منفردة دون الانصات الجيد والتفاعل الخلاق مع محيطها العالمي الواسع،أحرى أن يكون هنالك شعور عند سلطة مهما كانت شرعيتها أو مجموعة رأي مهما كان تأثيرها أوتحالف سياسي مهما كان حجمه بأن بامكان أي منهم تقرير مصير بلد واحد وتدبير أموره بمعزل عن بقية المكونات سواء كان ذلك في ظروف عادية أو في الظروف التي أصبحت غالبة للأسف الشديد على أجزاء كبيرة من قارتنا ومنطقتنا. إن هذه الحقيقة وهذا الفهم الاستراتيجي لمبدإ الحوار هو ما اجتمعت عليه كتلة احزاب المعاهدة بل كان هو السبب الاكيد لتأسيسها وهي تستعد للدخول في حوار 2011 الذي اقتصر عليها في تلك المرحلة مع النظام الحاكم واغلبيته وشكلت نتائجه النظرية نقطة تحول ايجابية كبيرة في الحياة السياسية الوطنية وكان متاحا لها أن تدفع بتطوير الممارسة السياسية الوطنية وآليات الحكامة الرشيدة أشواطا بعيدة لولا ما أدركها من هنات وعجز أطرافها عن تنفيذ جوانب جوهرية منها. أيها السادة والسيدات لايحتاج أحد منا في هذا اللقاء أن يؤكد للآخر حجم التحديات والرهانات التي تواجه بلادنا على نحو يتنامى بشكل لافت وأن السبيل الوحيد لمواجهتها في رأي كتلة المعاهدة من أجل التناوب السلمي هو استثمار الفرصة الثمينة المتاحة حاليا في هذا اللقاء الوطني لوضع آليات تمكن من تجاوز الانقسام الحاصل في الساحة السياسية وهي على أبواب انتخابات رئاسية ستحدد ظروف إقامتها ونتائجها مصير البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة. إن هذه الفرصة هي اللحظة المناسبة للدفاع الفعلي عن المصالح الوطنية العليا لموريتانيا والتعلق بها ودفع الثمن مهما تعارض مع مصالحنا الضيقة المشروعة في الظروف العادية. وهنا نؤكد بهذه المناسبة دون مواربة أو تردد أن كتلة أحزاب المعاهدة بمختلف مرجعياتها ورموزها السياسية والمعنوية تضع اليوم كل ثقلها وامكاناتها المتاحة لإنجاح هذا الحوار والوصول به إلى نتائج ايجابية تشرئب إليها انظار الشعب الموريتاني من أقصى شرقه إلى غربه ومن اقصى شماله إلى أقصى جنوبه. وأحزاب المعاهدة وهي تعتمد هذا التوجه تدرك أن صعابا كثيرة ستعترضه لكنها صعاب ستكون سهلة إذا استثمرنا إرادة صادقة مشتركة تبدو واضحة لدى جميع الأطراف على نحو لا تخطئه الملاحظة البسيطة تجسد فيما توصلنا إليه خلال الاجتماعات التمهيدية الماضية، ويتجسد أكثر في هذه اللحظة من خلال حجم ونوع الحضور في هذه القاعة الذي نرى أن أمامه حقيقة ومسؤولية تاريخية ،أما الحقيقة فهي واقع بلدنا وطموح أبنائه المشترك في تجسيد وتوطيد الديمقراطية ومدخل ذلك الأول في اللحظة الحالية هو تعزيز فرص التعاقب السلمي على السلطة من خلال تنظيم انتخابات توافقية نزيهة وشفافة ،أما المسؤولية التاريخية فهي الشعور بحجم الأمانة الملقاة على عواتقنا ونحن نواجه تحديا بحجم تحديد مسار بلدنا ومجتمعنا الراهن. باسم كتلة المعاهدة وممثليها في هذا الحوار أتمنى لهذا الحوار والتشاور كل التوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أما السيد يحيى ولد أحمد الوقف رئيس وفد المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة فقد ألقى بدوره خطابا في جلسة الافتتاح فيما يلي نصه: "هانحن بعد كثير من التعثرات والصعوبات نجتمع اليوم لنبدأ حوارا نريده في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة جديا ومسؤولا وصالحا لأن يخرج البلاد من أزمتها السياسية التي صاحبتها منذ حين ،والقت بظلالها على مختلف مجالات الحياة وخاصة بعد الانتخابات الأخيرة وما ميزها من خلل بين في الاعداد والتنظيم وما ترتب عنها من اقصاء لطيف سياسي واسع. لقد اعلناها واضحة يوم أسسنا المنتدى الوطني لليمقراطية والوحدة أننا نريد لبلادنا موريتانيا حالا أفضل ومستقبلا أكثرألقا وتقدما. نريد موريتانيا متصالحة مع ذاتها ديمقراطية بحق، موحدة الأعراق والفئات والجهات تسودها العدالة والمساواة. نريد لموريتانياأن تنضم لمصاف الأمم الديمقراطية والدول التي تسود فيها الحريات واحترام حقوق الانسان. أيها السادة والسيدات اننا في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة قد قررنا أن نتفاعل إيجابيا مع دعوة الحوار هذه بكل انفتاح واستعداد ولكن بكل وضوح وصرامة وتشبث بما يخدم التحول الديمقراطي الحقيقي، ويتجاوز الأشكال الى المضامين، والحلول الجزئية الى المقاربات الكلية التي تفضي الى حالة ديمقراطية سليمة لاتكون الدولة فيها طرفا، ولاتسخر المرافق العمومية فيها لصالح جهة من الجهات، ويكون المواطن حرا في اختياره غير خائف على مصالحه مطمئنا لمصيره عند اختياره. أيها السادة والسيدات إنني باسم المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة،أخاطب جميع الأطراف ومن خلالهم الرأي الوطني من أجل أن يقدر الجميع حجم المسؤولية الوطنية في هذه اللحظة التاريخية، مسؤولية العمل الجاد لاخراج بلادنا من أزمة لاتخفى أسبابها ولامظاهرها على أحد. وهو ما يقتضي التعبير عن الاستعداد الحقيقي لذلك وهو ما نؤكده بكل صدقية ونؤكد معه مضينا في أن يكون ذلك على نحو يشكل قطيعة مع الأنظمة والممارسات الأحادية التي لاتستقيم معها ديمقراطية ولايتحقق عدل ولا ينمو اقتصاد ولا تنهض أمة. إن اصلاحا شاملا للحالة السياسية في البلاد بما يفضي لإعادة الثقة في المؤسسات هو ما ينبغي أن يكون نصب أعيينا ونحن نبدأ هذا الحوار. ويقتضي ذلك القيام بخطوات واقعية تحل فيها الثقة محل التوجس والتعامل المسؤول والمحترم محل المناورا ت العقيمة التي لم تعد تقنع القائمين بها كما لاتخدع المستهدفين بها ،ومن أهم هذه الخطوات تمثيلا لاحصرا: -تشكيل حكومة توافقية -توطيد اختصاصات الهيئات المشرفة عبر صيغ توافقية تضمن قيام هذه الهيئات بمسؤولياتها بصورة فعلية وضمان عدم تحولها إلى شاهد زور -ادخال اصلاحات جذرية وتوافقية تضمن حياد الادارة والجيش وتخليصها من ارتهانها التاريخي لحاكم الوقت، -اصلاح الحالة المدنية عبر اجراءات شفافة ومشهودة لامجال فيها للمراوغات والقيل والقال. أيها الأخوة الكرام إنني لاأريد أن استبق عريضة المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المقدمة للحوار لكني سأشير هنا إلى أن تركيزنا على الاجراءات الكفيلة بضمان انتخابات شفافة وتوافقية لايعني اهمال القضايا الكبرى التي نعتبرها في مقدمة سلم الأولويات، فبدون القضاء الكلي على العبودية ممارسة ومخلفات وبدون الاعتراف بالتنوع الثقافي وضمان الحقوق المشروعة لجميع مكونات شعبنا وبدون تسوية نهائية لملف المغارم الانسانية وبدون ضمان حقوق العمال،بدون ذلك كله لن يتحقق العدل وبدون العدل لن يسود الاستقرار. وإننا لنعتقد في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة أن النجاح في تنظيم انتخابات رئاسية توافقية سيكون مقدمة سليمة لتسوية مشاكل الوطن المعلقة في جو من الإخاء والتوافق والانسجام . وفقنا الله وإياكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
AMI
|