الذكرى الــــ53 لعيد الاستقلال الوطني..عين على الواقع وأخرى على المستقبل..!؟    
20/11/2013

تحل بعد أيام الذكرى الــ53 لعيد الاستقلال الوطني لهذا العام ، وهي المناسبة السعيدة التي تعني الكثير للموريتانيين؛ حيث لم تشكل تلك الذكرى فقط استقلال بلدنا؛ بل إنها كانت بمثابة البدايات الحقيقية لميلاد الدولة الوطنية؛



التي واجهت العديد من التحديات والمعوقات قبل أن يوفق ذلك الرعيل المؤسس في بناء موريتانيا الحديثة؛ التي لولا العزيمة والإرادة الصلبة التي ميّزت الشخصية الوطنية الكارزمية لأب الأمة ورفاقه في بناء هذا الوطن والذود عنه لكانت هذه الدولة التي ننعم بظلالها الوافرة مجرد مناطق مقسمة مابين دول الجوار؛ حيث ظلت المغرب الشقيقة تضع السيطرة على بلادنا ضمن أولوياتها الاسترتجية؛ فجندت لذلك من أبناء هذا الوطن أولئك الفتية الذين وقفوا طيلة طور التأسيس في وجه مشروع الدولة المستقلة..!؟

لقد شكل ذلك التحدي ـ بناء الدولة الوليدة ـ الشغل الشاغل لأب الأمة الذي مافتئ يوفر كل جهده وعطاءه الذي لا يعرف الكلل ولا الملل؛ هو ومجموعة من رفاقه من جميع اثنيات المجتمع ليتمكنوا بعد جهد جهيد من الحصول على الاعتراف بموريتانيا مستقلة رغم أن مقومات الدولة حينها تعوزها؛ فلم يترك الغزاة ورائهم ما يدل على العنوان العريض الذي حملوه والمعروف ب"استعمار"؛ إذ لم نحظ إلا بجزئه المتعلق بالهيمنة والتبعية، فلم يترك الاحتلال الفرنسي الذي أباح الثروات واستباح الخيرات لنفسه وحرمها علينا أي معلم من معالم التعمير التي حملت ذات يوم كمسوغ للإمبراطوريات الاحتلالية..!؟

فما إن خمدت نيران المقاومة الباسلة التي أعاقت مشروع الاحتلال أثناء محاولاته الأولى للدخول إلي موريتانيا تحت فتاوي بعض أبناء هذه الأرض، ومبايعة أغلب أمرائها التقليديون الذين لم تكن لهم من طموحات سوى ما كان الفرنسيون يخصونهم به من عطايا وبعض الامتيازات حتى وضع المحتل استيراتجيته القائمة على استنزاف الخيرات الطبيعية ووضع الأتاوات على السكان دون أن يساهم في إنشاء مؤسسات خدمية مثل ما فعل في بعض البلدان الأخرى التي خضعت لغزوه..!؟

فخرج الغزاة الفرنسيون عن وطننا الغالي بعد عامين على أكذوبة(نعم ـ ولا ) ـ التي أوهمونا من خلالها بالعديد من الوعود الزائفة بالبناء والتعمير؛ إذ لم تكن تلك التعهدات سوى خطة من المستعمر الفرنسي لكسب بعض الوقت في استنزاف خيرات البلد وجمع ما أمكن جمعه قبل رحيله الغير مأسوف عليه..!؟

لقد ظلت هذه المناسبة على مدى تاريخها مجرد ذكرى فقط، وهو وصف قد لا يروق لكثير من أبناء هذا الوطن الغالي لما ينطوي عليه من قسوة في حق مناسبة كهذه عبرت من خلالها موريتانيا إلي عالم الوجود ككيان ناشئ رغم أن أقداره لم تسعفه بأن يحظي بما حظيت به بلدان أخرى من عمران وتعمير، فهذه الذكرى لا ينبغي أن تمر دون وقفة تأمل وتمحص لماض مليء بالمعجزات رسمت معالمه أيادي وأفكار رجال آمنوا بالوطن قبل كل شيء، وتجشموا في سبيله كل أنواع المشقة والعناء؛ وما تلى ذلك من وهن أصاب تلك الأنظمة العسكرية التي عقبت الإطاحة بنظام الرئيس المرحوم المختار ولد داداه..!؟

وإذا كان هذا هو الحال في تلك المرحلة من تاريخنا؛ فإن المتأمل لواقع الدولة اليوم ببصيرة واقعية يدرك حجم التقدم الذي حققته بلادنا ـ والذي وإن كان لا يرقى للمستوى الذي يطمح له ـ إلا أنه بحق يستحق الإشادة به من باب شحذ الهمم والدفع بها من أجل عطاء أكبر للرفع من وتيرة عميلة البناء والتطور نحو ما يصبوا إليه كل الغيورين على موريتانيا الحبيبة..!؟

ففي ظرف وجيز حققت بلادنا نجاحا باهرا في بعض المشاريع التي لا يمكن تجاهلها؛ من تشييد للطرق والبنى التحتية؛ إلي ترشيد وتسيير محكم للمال العام الذي ظل ينهب بشكل منظم؛ إلي إنشاء حالة مدنية تستجيب لمتطلبات العصر من خلال الوكالة الوطنية للسجل السكاني؛ ومراجعة العقود مع الشركات الأجنبية التي تم تمكينها في السابق من استنزاف خيرات البلد دون مردودية تذكر؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر مراجعة الاتفاقيات مع شركات النحاس والذهب من أجل زيادة حصة البلد من عائدات الإنتاج؛ وكذلك الاتفاقيات على مستوى الصيد..!؟

وعلى المستوى السياسي فقد تم بناء عقد اجتماعي يحقق تطلعات الساسة؛ من خلال الحوار الذي تم تبنيه في العملية السياسية؛ فأنشئت لجنة مستقلة مكلفة بالإشراف على الانتخابات؛ وتحييد الإدارة عن هذا الدور الذي ظلت تلعبه في السابق؛ وعدم تبذير المال العام في السياسة؛ فلأول مرة يخوض حزب محسوب على النظام الانتخابات بدون موارد الدولة؛ ووقوف رئيس الجمهورية على مسافة من الأطراف المشاركة في الانتخابات الحالية؛ رغم أن طموح الساسة كان دون ذلك بكثير..!؟

أما على المستوى الاجتماعي فقد تم إفشاء العدالة الاجتماعية بين مكونات الشعب؛ وتعزيز عرى الوحدة الوطنية التي ظلت تتربص بها الدوائر؛ وكذلك تجريم كل أنواع الاسترقاق والعبودية؛ هذا بالإضافة إلي صون الحقوق والحريات العامة؛ وعودة المشردين من أصحاب الحقوق في ظل الأنظمة السابقة ـ حركة أفلام ـ وغير ذلك من الأمور الهامة والضرورية التي ظلت من أولويات مطالب الجميع..!؟

وعلى مستوى المؤسسة العسكرية صمّام الأمان ورمز التحدي والوفاء والانسجام؛ فقد تم تطويرها لتستجيب لمتطلبات العصر؛ وذلك من حيث العدة والعتاد والتكوين المستمر؛ وما النجاحات التي حققتها هذه المؤسسة على الإرهاب العالمي الذي أرهق جيوش عتيدة؛ إلا دليلا على التطور النوعي الذي طرأ على هذه المؤسسة التي يستيقظ أصحابها ونحن نيام خدمة للأمن والأمان؛ فتحية لهم بهذه المناسبة السعيدة..!؟

فالذكرى هذه السنة تحل في حلة جديدة تعيشها بلادنا؛ وكلنا أمل في أن يكون المستقبل يخبئ لنا الكثير من النجاح والتقدم والنماء على جميع الأصعدة..!؟

الحسن ولد الشريقي

hchreigi@yahoo.fr


AQLAME


جريدة مستقلة رقم الترخيص 003 بتاريخ 19/1/2006 المقر : الحي الجامعي م 583 تلفون 00 (222) 46319207 انواكشوط ـ موريتانيا

contact@journaltahalil.com:البريد الألكتروني
تحاليل 2006-2022 جميع الحقوق محفوظة