أدعياء القرآنية وشبهاتهم حول السنة ...موضوع محاضرة في جامعة شنقيط العصرية    
27/05/2022

نظم كرسيّ الحديث الشريف والسيرة النبوية بجامعة شنقيط العصرية مساء اليوم الخميس، محاضرة علمية تحت عنوان "أدعياء القرآنية وشبهاتهم حول السنة" ، ألقاها الفقيه الأصولي الأستاذ بالجامعة والمدرس في محظرة النباغية ، الشيخ إبراهيم ولد ابَّ ولد حرمه ولد عبد الجليل .


 افتتح الأستاذ محاضرته بالحديث عن ظهور أدعياء القرآنية فقال: "قد ظهرت في مراحل متفاوتة من تاريخ الإسلام طوائف تنكر كون السنة مصدرا تشريعيا مبينا للقرآن بدءً بالشيعة والمعتزلة وانتهاءً بأدعياء  القرآنية الذي يدعون أن القرآن لا يحتاج إلى بيان ، وأن السنة ليست وحيا من الله"
وأشار المحاضر إلى ظهور ملامح هذا الفكر ضمن كتابات بعض المفكرين الذين قال إنهم "ردوا أحاديث صحيحة صريحة مجمعا على مدلولها بدعوى مناقضتها للقرآن ، وتأولوا كتاب الله على غير تأويله ، مبينا إلى أًن سبب هذا كله "الجهل بمعهود لسان العرب الذي أنزل القرآن عليه، وجهلهم كذلك بالقواعد العلمية في البحث والاستدلال"
وبيّن الأستاذ الشيخ إبراهيم في تعليقه على أدعياء القرآنية بأن القرآن "جار على أساليب العرب في كناياتها ومجازاتها ومقاصدها الأصلية والتابعية ، واستفاض في ضرب أمثلة من القرآن ركز فيها على الآيات التي يحتج بها أدعياء القرآنية في رد السنة.
ومن الأمثلة التي تعرض لها الأستاذ المحاضر قول بعض الكتاب إن شهادة المرأة كشهادة الرجل، فادّعى أن قوله تعالى { فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وهو معلل بعدم التجربة ، لأن المرأة لم تكن متعلمة ولم تكن مشاركة في الحياة العامة ، وأما الآن فهي مجربة فصارت شهادتها كشهادة الرجل ، ثم استدل لرأيه أن الله تعالى سوى بين شهادة المرأة والرجل في اللعان ، لأنه قال :{ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ }.
وفي معرض رده على ذلك قال الشيخ إبراهيم إن "هذا جهل منه بلسان العرب فإن " شهد" تأتي في لسان العرب لمعان : أحدها حضر : يقال شهد بدرا وشهدنا صلاة العيد ، وثانيها أخبر؛ يقال شهد عند الحاكم أي أخبر فيما يعتقده في حق المشهود له وعليه، وثالثها علم قال الله تعالى { والله على كل شيء شهيد } أي عليم ، ورابعها القسم قال (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) أَيْ يَمِينُنَا أَحَقُّ مِنْ يَمِينِهِمَا، ومن هذا قوله تعالى  :{ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ } فركب هذا الكاتب من جهله بلسان العرب قياسا فاسدا ، وسبب غلطه هو اشتراك لفظ الشهادة بين معنى الإخبار ومعنى اليمين" .
وأضاف بأن "هذا الاستدلال سلك فيه الكاتب وأمثاله منهج الاشتقاق الذي اخترعته الشيعة الباطنية في تفسير الآيات ، ،فإنهم إذا أرادوا تحريف معنى الآية يتتبعون الاشتقاقات اللغوية للكلمة التي وردت في القرآن حتى يجدوا المعنى المناسب الموافق لأهوائهم فيحملون عليه معنى الآية ، وهذا المنهج اعتمده أدعياء القرآنية في التحريف."
وفي هذا السياق سرد المحاضر قصة قال فيها: "ضمني مجلس ذات يوم مع بعض أدعياء القرآنية ، فقال لي إن أحاديث عذاب القبر مناقضة للقرآن لأن الله تعالى يقول في محكم كتابه { يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا } فلو كان يعذبون لما قالوا من مرقدنا ، فقلت له هل تعرف الصيغة الصرفية لمرقدنا ؟ هل هي مصدر أم اسم مكان ، فمفعل تأتي مصدرا و تأتي اسم مكان ومعناهما مختلف ، فلم يدر ما يقول ، فقلت : وهل إطلاق الرقاد على الموت هنا حقيقة أم مجاز ، فقال مجاز ، فقلت له المجاز لا بد له من علاقة وقرينة ، فأين علاقة المجاز هنا وقرينته ؟ فإذا هو لم يسمع بالعلاقة والقرينة من قبل ، فشرحت له العلاقة والقرينة وبينتها له حتى فهمها ،فلو كان عنده إلمام بشيء من اللغة لتبين له أنه لا مناقضة ، لأن المرقد اسم مكان للرقاد ، وحقيقة الرقاد هو النوم ، فأطلق الرقاد على الموت والاضطجاع في القبور تشبيها بحالة الراقد ، والاستعارة والتشبيه معهودان في لسان العرب ، وقد أشار السيوطي لمجازية مرقدنا بقوله في عقود الجمان :
كمثل عجلا نسلخ المطلعه ... شمس ومن مرقدنا للأربعه" .
وخلص الأستاذ بالجامعة والمدرس بمحظرة النباغية الشيخ إبراهيم في ردوده إلى أن "أدعياء القرآنية قد تجرؤوا على كتاب الله ، واستمالوا بدعوتهم كثيرا من الشباب الذين لم يجالسوا العلماء ، ولم تكن عقولهم محصنة بسور متين من العلم  ولا بركن وثيق من الشرع ، فكان حالهم كحال القائل :
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى     فصادف قلبا خاليا فتمكنا".
وقد لاقت المحاضرة ،التي تناول فيها الفقيه الأصولي الشيخ إبراهيم أمثلة أخرى من الشبهات، إعجاب الحاضرين وطالبوا بطباعتها ونشرها وتوزيعها لتعميم الفائدة .
حضر المحاضرة رئيس الجامعة الدكتور العلامة محمد المختار ولد ابّاه وشخصيات علمية وثقافية وعدد من أستاذة وطلاب الجامعة .
وكانت الجامعة قد أعلنت عن تنظيم المحاضرة في إطار افتتاح كرسي للحديث الشريف والسيرة النبوية ضمن كراسي شرعية وأدبية اعتمدتها الجامعة في منطومتها التربوية.
 عقّب على محاضرة الأستاذ الفقيه ، فقهاء وأساتذة أشادوا بالبعد الأكاديمي للمحاضرة وغوص المحاضر في عمق الشبهات وإبراز تهافتها بدليل النص القرآني والحديث النبوي الشريف.


جريدة مستقلة رقم الترخيص 003 بتاريخ 19/1/2006 المقر : الحي الجامعي م 583 تلفون 00 (222) 46319207 انواكشوط ـ موريتانيا

contact@journaltahalil.com:البريد الألكتروني
تحاليل 2006-2022 جميع الحقوق محفوظة