سيناريو كارثة فيضان في مدينة نواكشوط   
04/07/2010

لا بسب خصوبة مخيلتي ولا بدافع الترف الفكري ولا رغبة  مني في إزعاج الآخرين ، و و إنما وجدتني مدفوعا بقوة كبيرة لكتابة هذا السيناريو ، تحفزني علي ذالك معطيات عدة جعلتني كلما أعطيتها تخيلا خرجت بنفس النتيجة ، وعند استبدال بعض المعطيات ببعض تقودني أيضا إلي نفس النتيجة ،



وعملا بقوله تعالي (... من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) صدق الله العظيم

كان لزاما علي أن أخوض فيما لا أحب الخوض فيه كسيناريو ربما ستعيشه بلادنا إن عاجلا أو آجلا ، لنعد العدة لمواجهة الأسوأ ، و لذالك سنتبع المنهج التحليلي التالي :

1)   وصف لواقع العاصمة نواكشوط:

تمتد نواكشوط على ارض سهلة تكاد تكون خالية من المرتفعات ، تعلو تارة وتنحدر  أخري وتنخفض في مواقع كثيرة عن مستوى سطح البحر ، تتاخم في الكثير من أحيائها المحيط الأطلسي ،تربتها رملية مشبعة بالمياه ،فبمجرد ما تسكب عليها قليل من الماء يبقي وقتا طويلا على السطح ، وعند ما تحفر شبرا يأتيك الماء منهمرا ، مما يعني أنها لا تتحمل التساقطات المطرية .

ساكنتها حوالي المليون نسمة ، تقسمها أربع محاور طرقية رئيسية هي طريق الأمل و طريق روصو و طريق اكجوجت و طريق انواذيبو ، بالإضافة إلي شبكة من الطرق الفرعية ، وفي الحالة العامة وعلى مدار السنة تزدحم كل تلك الطرق مما يتسبب في تأخير العاملين وشل حركة السيارات لساعات ...، وكذالك تخلو العاصمة من شبكة للصرف الصحي و تعج بحفر المراحيض وقمامات الأوساخ مما ينذر بالأوبئة خاصة في فصل الخريف.

1)   وصف الأحوال المناخية :

يشهد العالم موجة حر شديدة بسبب الاحتباس الحراري الناتج عن انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون من المصانع ووسائل النقل وغيرها مما يسبب ثقبا في طبقة الأزون (الغلاف الجوي ) والتي تحمي الأرض من الأشعة الفوق بنفسجية الضارة  مما يشكل هاجسا لكل شعوب الأرض وحكوماتها ، و بدأت نتائجه تظهر علي شكل كوارث : كجفاف وموجات حر وفيضانات نذكر منها : باب الواد بالجزائر و بانكلادش وسلطنة عمان وجدة بالسعودية والمغرب وفرنسا وأمريكا....

وتسببت كذالك في ذوبان جليد القطبين و ارتفاع منسوب البحار بشكل كبير .

 

2)   إن تساقط كميات كبيرة من الأمطار ( 70مم مثلا ) كاف لإغراق نصف العاصمة بشكل شبه نهائي ، أما المد البحري سواء سطحيا أو جوفيا فهو شيء آخر لا ينبغي استبعاده على غرار أي نوع من الكوارث الأخرى كانفجار مخزن للغاز أو تحطم طائرة أو انهيار سد .

أرى انه في كلتا الحالتين للفيضانات يقود التصورالي خروج كل من  طريق نواذيبو و روصو و اكجوجت عن الخدمة بسبب غمر المياه وستزدحم طريق الأمل إلى واد الناقة وسيترك غالبية الناس لمصيرهم.

 

3)   رد الفعل أو التدخل :

في حالة كارثة لا قدر الله من المحتمل جدا أن يتسم رد الفعل العام بالارتجالية والفوضوية وربما يتأخر أكثر من اللازم وذالك بسبب قلة وسائل التدخل وعدم تنسيق الجهود وعدم التعود و التدرب على مواجهة الكوارث ، بحيث يحتمل أن يلقي كل طرف على الأخر مسؤولية التدخل و بذلك يكون الفشل.

 

4)   تخيل حدوث الكارثة (فيضانا مثلا ) في وقت قصير ، إذ عليك الآن أن تدرك أن مهمتك تتلخص في انقاذ و إخلاء و إيواء وعلاج و إطعام و إحصاء ...مليون من البشر ؟

ناهيك عن الممتلكات و النفائس.

 

5)   لتفادي كل ذالك و تحسبا للأسوأ يجب أن نقوم بالآتي :

ــ مراجعة النصوص المسيرة للكوارث و إعطاء الأولوية لدور الحماية المدنية .

ــ تقوية وتدعيم الساتر الترابي الفاصل بين المدينة و المحيط .

ــ إيجاد نظام إنذار مبكر يتمثل في صفارات الإنذار أو مكبرات الصوت أو أشعة الإنذار و هو غير مكلف وسهل الاستعمال .

ــ كما يجدر هنا أن نؤكد علي الحفاظ علي الأرشيف العام للدولة في مكان آمن من التلف و التعرض للكارثة، لما يترتب على ذالك من خلط في الأوراق والهوية وضياع للحقوق وغيرها ...

ــ نؤكد كذلك على أن المخزون الغذائي الإستراتيجي المتمثل في مخازن المفوضية وشركة سونمكس يجب تأمينهما من الفيضانات وغيرها من الكوارث ، بحيث تكون المخازن بعيدة عن الأماكن المحتملة للكارثة .

ــ توعية المواطنين على التصرف القويم في حالة الكوارث بما في ذالك الصعود إلى الطوابق العليا من المنازل ، استخدام الطرق الفرعية للهروب، إرسال إشارات إلى المنقذين لإرشادهم إلى أماكن الضحايا والمحاصرين.

ــ إيجاد نظام تجميع وصرف للمياه سواء كان ذالك بإنشاء حفر ترابية كبيرة تتجمع فيها المياه أو خنادق تبعدها عن المنازل .

 

6) استخدام بنك للمعلومات يحتوي علي كل ما من شأنه أن يساهم في التدخل في الكوارث من قريب أو بعيد مثلا : عدد الرجال ، عدد السيارات ، عدد الخيام ، كميات الأغطية كميات الأغذية ، كميات الأدوية ، أماكن الإيواء وتنسيق العون الخارجي .

 

7)   القيام بمناورات شاملة :

مرة أو مرتين كل سنة وذالك بعد خلق حالة من الذعر عن طريق بث بلاغات كاذبة تؤدي إلي نوع من الهلع .

وأن تشارك في المناورات جميع القطاعات المعنية (الحماية المدنية ، الجيش ، الصحة ، الهلال الأحمر ، مفوضية الأمن الغذائي ، المجتمع المدني .....) .

وتستخلص العبر من تلك المناورات سواء نقاط القوة كالسرعة في التدخل وتوفر الوسائل ....أو نقاط الضعف كالإرتباك و الفوضى .....وتقييم العمل وسبر أغواره للتغلب علي النواقص.

 

8) أن نستعد لمواجهة الخطر خير من أن نستعد لتقبل نتائج الكارثة.

 

 

                                           المهندس : محمد ولد حناني


جريدة مستقلة رقم الترخيص 003 بتاريخ 19/1/2006 المقر : الحي الجامعي م 583 تلفون 00 (222) 46319207 انواكشوط ـ موريتانيا

contact@journaltahalil.com:البريد الألكتروني
تحاليل 2006-2022 جميع الحقوق محفوظة