جمال ولد الحسن.. حاضر بعد تسع سنوات من الغياب    
20/06/2010

نظم محبو الدكتور أحمد جمال ولد الحسن الليلة البارحة أمسية تأبينية له في ذكراه التاسعة، وقد كانت الذكرى مناسبة للشعر والنثر تعدادا لمناقب الفقيد، الذي كان كتيبة رجال في رجل.



قدم العلامة الدكتور محمد المختار ولد اباه في نهاية الأمسية ما يمكن أن يسمى "إيجازا صحفيا"، لخص فيه الكلمات الدالة التي جاءت على ألسنة المتحدثين، ومنها عبارة العلامة حمدا ولد التاه، التي قال فيها إن "عمر جمال لم يكن طويلا لكنه كان عريضا"، وكلمة الأستاذ محمدن ولد اشدو التي اعتبر فيها أن "شجر الحزن شاخ في قلبه"، وعبارة رائد الشعر الموريتاني أحمدو ولد عبد القادر "أن ذكرى جمال فخر للذكرى"، وكلمات أخرى على هذه الشاكلة.

 

وتميز الحفل المنظم بالتعاون بين مؤسسة أحمد جمال ولد الحسن التي يرأسها العلامة محمد المختار ولد اباه، ومؤسسة صحراء ميديا، بحضور نوعي للمفكرين والشخصيات الثقافية الموريتانية، فقد حضره على الاقل ممثلون لاربعة من أجيال الثقافية الموريتانية، من بينهم من لم يحضر إطلاقا لأي نشاط منذ سنوات طويلة، مثل محمد ولد مولود ولد داداه على سبيل المثال.

وتناولت المداخلتان الأكاديميتان اللتين قدمها الدكتوران ددود ولد عبد الله وعبد الله السيد، جوانب من شخصية المرحوم، حيث تحدث ددود عن اختلاف وجهات النظرر حول جمال، حيث يعتبره البعض نصيرا لبعض فئات المجتمع الموريتاني على حساب أخرى، داحضا تلك النظرية من خلال مؤلفاته، كما أكد انه كان فوق الانتماءات السياسية الضيقة، التي راجت بضاعتها خلال تلك الفترة.

أما تلميذه الدكتور عبد الله السيد فقد تحدث عن أبعاد حياة جمال الانسان، وجمال الاستاذ، وجمال المفكر، وتذكر كيف بدأت علاقته به من خلال امتحان، أعجب فيه الاستاذ بمعلومات التلميذ، وتحدث عن أثر جمال في توجيهه إلى دراسة العلوم الشرعية في المعهد العالي للدراسات والبحوث الاسلامية.

واعتبر ولد السيد أن تلميذ جمال من المستحيل أن لا يفهم، فالرجل يمتلك مقدرة تربوية عجيبة تناسب الجميع، مهما كانت مستوياتهم.

قبل ذلك تناول الكلام الدكتور يحي ولد الحسن باسم اسرة الفقيد، معتبرا أن "موريتانيا كلها أسرة للراحل"، شاكرا محبي جمال على التنادي إلى هذا الموقف السنوي.

الامسية التي أراد لها القائمون عليها أن لا تكون مناسبة حداد ، بل "فخر بما حققه الراحل" كما جاء على لسان الدكتور محمد المختار ولد اباه رئيس جامعة شنقيط العصرية، رئيس هيئة جمال ولد الحسن، حفلت بتعداد عديد المواقف الطريفة المستقاة من روح الدعابة عند جمال، مما أضفى على الامسية نوعا من الطرافة.

على أن دمعات لم يستطع أصحابها أن يلجموها، كسرت جدار الصبر في قاعة التأبين من قبيل مداخلة تلميذة الراحل الاستاذة فاطمة بنت المصطفى، التى تحدثت بلغة عاطفية عن الفقيد، معتبرة أياه أكثر من أخ وأستاذ، معرجة على آخر مكالمة تلقتها من الفقيد يوما واحدا قبل غروب شمسه.

الأستاذ محمد جميل ولد منصور قرأ مقالا قديما في تأبين المرحوم بعنوان "دمعة" قال فيه إنه "استقبل وفاة جمال بحزن وفرح، حزن عليه لأنه رحل وهو في قمة عطائه، وفرح لأنه متأكد أنه يعد نفسه لهذا اليوم".

أما الأستاذ محمد محمود ولد ودادي تحدث عن علاقاته بالمرحوم، التي تعود إلى الستينات، حينما كان منزل أهل الحسن ملتقى لشباب العاصمة، وجمال حينها طفل صغير، والتي لم تنته حتى رحيله، وعرج على لقاءاتهما في الخارج، في موروني عاصمة جزر القمر وفي المدينة المنورة، وعن تخلي جمال عن لبس الدراعة الموريتانية منذ توقيع البلاد اتفاق العلاقات مع إسرائيل.

الشاعر التقي ولد الشيخ تحدث عن بعد لم يتناوله المتحدثون الآخرون، وهو "علاقة جمال بالشعر الشعبي"، موردا مساجلة ظريفة بين المرحومين جمال والمرابط محمد سالم ولد عدود، والشاعر عبد الله السالم ولد المعلى.

وكان للشعر "الطازج" حضوره في ذكرى جمال، حيث ارتجل الأستاذ محمد ولد بتار ولد الطلبة أبياتا ثلاثة، عدها بعض الحضور في القاعة تعدل قصيدة عصماء، على حد تعبير الزميل سعيد ولد حبيب الذي كان ينعش الحفل باقتدار.

أبيات ولد بتار هي هذه:

هي الشمس إن تغرب فهذا طلوعها وكائن يسر النفس ما قد يروعها

أتاحت لنا الذكرى لقاء بصادق من الفخر لا تخفيه عنا دموعها

به رجعت من سالف الدهر ليلة وأحسن عادات الليالي رجوعها

الشطر الأخير أثار إعجاب الشاعر محمد المختار ولد اباه، مؤلف كتاب الشعر والشعراء في موريتانيا، و"رحلة مع الشعر العربي" وغيرهما والناقد الرصين.

الشاعران الدكتور أحمد دولة ولد المهدي والاستاذ محمد عبد الله ولد عمارو ، أنشد كل واحد منهما قصيدة من وحي رحيل جمال.

الأمسية شهدت عشرات المداخلات لعشرات المفكرين والمهتمين، وكانت كلها تعداد لمناقب جمال، الذي شع على وطن عزيز.

محمد ناجي ولد أحمدو


جريدة مستقلة رقم الترخيص 003 بتاريخ 19/1/2006 المقر : الحي الجامعي م 583 تلفون 00 (222) 46319207 انواكشوط ـ موريتانيا

contact@journaltahalil.com:البريد الألكتروني
تحاليل 2006-2022 جميع الحقوق محفوظة