ولد حرمه: الانقلابات تم تجريمها والقوات المسلحة رفضت الانقلاب على الرئيس خلال مرضه    
19/02/2013

اتهم وزير الصحة السابق والقيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا، الشيخ المختار ولد حرمة ولد ببانا، جهات لم يحددها بأنها طلبت من القوات المسلحة الانقلاب على الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أثناء علاجه في فرنسا أكتوبر العام الماضي.



وقال ولد حرمه في مقابلة مع إذاعة صحراء ميديا يوم أمس، إن القوات المسلحة رفضت الاستجابة لطلب الانقلاب "لأن الانقلابات لم تعد موجودة"، معتبراً ذلك دليلاً على "شرعية الرئيس وعلى من يريد ترحيله أن يذهب إلى صناديق الاقتراع"، وفق قوله.

نص المقابلة:

صحراء ميديا: السؤال الذي نبدأ به هو ما الذي جعل الدكتور المتخصص في أكثر المجالات الطبية تعقيدا يدخل عالم السياسة؟
الشيخ ولد حرمة: الجواب على السؤال يتطلب رجوعا إلى الوراء ولكني أقول إنني أمارس السياسة منذ القدم لأنني تربيت في أكناف والدي ـ رحمه الله ـ الذي يعتبر أول زعيم سياسي في البلد، معنى ذلك أنني منذ نعومة أظافري وأنا أسبح في عالم وفضاء سياسي، إذا فليس من الغريب أن أهتم بها ولكن السياسة التي أمارس ليست السياسية النمطية لأن السياسة في مفهومي هي الاهتمام بالشأن العام وهذا من المسائل التي أعتني بها واعتنيت بها منذ صغري، لأن الشأن العام وشأن هذا الوطن كان دائما في مقدمة اهتماماتي وعبرت عن ذلك بطرق كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ومازلت أسير في ذلك الاتجاه لأن لدي ضالة أبحث عنها وهي سعادة الشعب الموريتاني وتقدم هذا الوطن وأبحث عن كيفية أساهم بها في تحقيق هذا الهدف وأنا متمسك بمبادئي الصلبة وهي أن أحاول وـ بالله التوفيق ـ أن أكون دائما على الطريق المستقيم؛ قطعا أني بعيد من العصمة وبعيد من المثالية والكمال، ولكني أحاول ما استطعت أن تكون عندي رؤية واضحة لما أنا بصدده والوسائل التي سأستعمل تكون وسائل نزيهة وشفافة ولا أزكي نفسي ولا أبرؤها ولكن بحسب ما يظهر لي، وأريد من كل من عنده ملاحظات على مساري السياسي أن يخبرني بها لأن ذلك سيساعدني.

صحراء ميديا: معالي الوزير أنت تعرف مجال الصحة جيدا لأنك عملت فيه مستقلا وتوليت إدارة القطاع، ولكن الكثير من المراقبين يثير الكثير من الشكوك حول هذا القطاع؛ من خلال خبرتك في الإدارة ومن خلال خبرتك كفاعل في هذا المجال ما هي الاختلالات التي يعانيها قطاع الصحة؟
الشيخ ولد حرمة: فعلا.. قطاع الصحة حساس ومعقد وليست مسألته خاصة بموريتانيا بل في جميع الدول وجميع الأنظمة، فهو قطاع حساس ومعقد وفيه الكثير من المشاكل مثل القطاعات الخدمية كلها، ولكن الصحة بصورة عامة قطاع صعب ونحن في بلدنا الأمور تعقدت لأن هذا القطاع عانى من إهمال وتراكمات على مدى عقود من الزمن إلى أن أصبح كل من يتصدى لإصلاحه يتعرض للكثير من المطبات والمشاكل.
رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز حين تسلم السلطة جعل من أولويات اهتمامه إصلاح قطاع الصحة، وأعطاه كل الاهتمام وحقق فيه من الاصلاحات ما لم يحقق في 50 سنة ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
وهذا لا يمكن تحصيله بين عشية وضحاها ونحن لا نستطيع أن نشيد بناية كانت تهدم منذ 50 سنة في طرفة عين؛ وبالتالي لابد من الوقت ولابد من دراسة القطاع ومعرفة نقاط الضعف فيه، والمشاكل التي يعاني منها؛ ووضع برنامج إصلاحي لا يمكن أن يكون على سنة أو سنتين أو خمس سنوات بل يحتاج إلى عشر سنوات على الأقل لكي يتم إصلاح حقيقي لهذا القطاع وما تم إنجازه في مدة وجيزة هذه السنوات الثلاث شيء إيجابي ومهم ونتائجه ظاهرة للعيان.
ولكن يجب أن نعرف أن إصلاح قطاع الصحة لا يتعين على الدولة وحدها وإنما على الدولة والمجتمع والأطباء، ولابد من تضافر جهود هذه الأطراف الثلاثة؛ وبدون ذلك لا يمكن إصلاح شيء؛ فالدولة راعية ومنظمة ومراقبة، والمواطنون يجب أن تكون عندهم ثقة في مستشفياتهم على ما هي عليه من النواقص ويجب أن تكون عندهم ثقة واستعداد للتعامل مع الواقع، أما الأطباء فيجب أن تكون عندهم روح تضحية وروح تعامل من أجل تحسين الأداء ويعلموا أن الطب ليس تجارة، وإنما هو مهنة شريفة ومبنية على التضحية، لابد أن يكون الطبيب مستعد للتضحية والمواساة، ولكن هذا لا يمنع الانتفاع والأجرة، والتضحية لا تعني أن يكون العمل كله بالمجان.
الدولة منذ تولي الرئيس محمد ولد عبد العزيز شهد قطاع الصحة تغيرا كبيرا، والدولة تقوم بمسؤولياتها ولكن هل المواطنون والأطباء يقومون بواجبهم؟ وإذا كانت هناك نواقص وهفوات يجب أن يبحث عنها في هذين الجانبين، وفي جانب المواطنين خاصة الذين يلاحظ عندهم نقص شديد في الوعي وليس عندهم من الوعي ما يدركون به كيفية التعامل مع هذا القطاع؛ لابد من وعي مجتمعي يجعل المواطنين يعرفون الكيفية التي يتعاملون بها مع قطاع الصحة، ولا بد أن يحصل عند الأطباء تفكير جديد ورؤية جديدة لإصلاح هذا القطاع، لأن الأطباء لا يمكن أن يكونوا مجرد تجار، بل يجب النظر إلى الجانب الآخر من شخصية الطبيب، الذي يجب أن يكون شخصية سامية في جميع المفاهيم؛ وهذا الطبيب هو الذي يجب أن يبرز اليوم ويجب أن يتعامل مع هذا الإصلاح القائم، وأنا بحكم أني مارست الطب في القطاع الخاص وأعرف خلفياته في القطاع العام ومارست الإدارة كوزير للصحة أعرف أن الدولة قامت بإنجاز الكثير في ظرف ووجيز ومازال العمل متواصلا.

صحراء ميديا: يقال إن هنالك لوبي في وزارة الصحة لا يمكن لأي وزير تجاوزه، وأن أي وزير فتح ملفات هذا اللوبي مصيره الشارع ما هو رأيك؟
الشيخ ولد حرمة: هذا تحليل يمكن أن يكون فيه نسبة من الواقع ويمكن أن تكون هناك مجموعات عندها مصالح لا تقبل المساس بها وكل من حاول التصدي لها ستحاول بالطبع أن تقصيه وأن تضع أمامه العراقيل التي تجعل أداءه باهتا لكي يتم إقصائه، ولاشك أنه يوجد فعلا شيء من ذلك، ولكن الدولة لها اليد الطولى في القطاع وإذا رأت شيئا من ذلك الجانب ستقوم بتغييره لأنه إذا لم يتم إصلاح هذا القطاع فلن يصلح شيء.

صحراء ميديا: السيد الوزير أنت من خلال تجربتك كسياسي وكمراقب وكمنتمي للأغلبية كيف تقرأ الوضع الاقتصادي والاجتماعي؟
الشيخ ولد حرمة: الحق لا يمكن غمطه ولا يمكن للإنسان أن يغطيه دائما ولابد أن يعترف الناس بالواقع، لأن كل من يعترف بالحق سيكون مذنب ومخالف، والشيء بالشيء يقارن ونحن لابد أن تكون عندنا مرجعية نقارن من خلالها ما تم تحقيقه مقارنة بما كان موجوداً، ومن قام بجرد لحصيلة الأنظمة التي توالت على موريتانيا وجمع حصيلة لخمس سنوات يجد بونا شاسعا؛ وهذا ليس دفاعا عن النظام وإنما دفاعا عن الحق، لأن هذه الفترة شهدت إنجازات عظمى وإصلاحات مهمة جدا ولكن قد يكون هذا دون المستوى ودون المطلوب، ولكن المسائل لا يمكن أن تتحقق بين عشية وضحاها فلا بد من وقت من أجل تحقيق شيء وما تم إنجازه لا يمكن لأحد أن يكذبه وهو موجود للعيان سواء على مستوى البنية التحتية أو على مستوى الإدارة العامة التي هي لب هذا كله وهي المضغة التي إذا صلحت صلح الكل وإذا فسدت فسد الكل.

صحراء ميديا: الآن نصل إلى الشأن السياسي هناك ثلاثة أقطاب، أنتم أغلبية متمسكة ببرنامج الرئيس وهناك معارضة تطالب برحيل النظام، ومعاهدة لديها مبادرة كيف تقرأ هذا الثلاثي المتناقض؟
الشيخ ولد حرمة: أرى أن رئيس الجمهورية لديه برنامجه وأغلبيته تسير مع ذلك البرنامج وهذه المسائل التي تموج نحن نراها ونسمعها ولا نلقي لها بالا ولن تفسد وجهتنا التي هي وجهة إصلاحية ولدينا برنامج ومشروع إصلاح نسعى إلى تحقيقيه؛ وبالنسبة لقضية الرحيل فهي مهزلة ـ مع احترامي لمن يطالبون به ـ وحقيقة أنا أتعجب من مسئولين في هذا المستوى يلجئون لهذا الخطاب لأنه مس مصداقيتهم؛ لأن الرحيل لابد له من شروط وهذه الشروط هي: أن يكون الرئيس فاشل، أو أداءه فاسد أو ارتكب أخطاء وذلك يمكن أن يزيله البرلمان عن طريق المحكمة السامية التي هذا اختصاصها؛ والطريقة الثانية أن تقع ثورة شعبية ويقوم الشعب بتنحية الرئيس؛ أما الثالثة فهي انقلاب عسكري.
بالنسبة للقضية الأولى نحن نعرف الرئيس ونعرف أنه ليس متلبسا بجريمة يمكن للبرلمان أن يخلعه بها. أما قضية الرحيل عن طريق الثورة فالشعب دعته المعارضة للثورة فرفض الخروج للشارع ورفض الثورة؛ أما طريقة الانقلابات العسكرية فالدستور قد جرم الانقلابات وحرمها تحريما باتا؛ والدليل على ذلك أنه لما أصيب الرئيس في الفترة الماضية، وغاب عن الساحة لم يتحرك شيء من مكانه رغم أن البعض طلب من القوات المسلحة أن تقوم بانقلاب عسكري فإن العسكر رفض ذلك لأن الانقلابات لم تعد موجودة؛ إذا فالرئيس له شرعيته ومن أراد ترحيله فليذهب إلى صناديق الاقتراع وموسم الانتخابات سوف يحل قريبا، وإذا قرر الشعب الموريتاني أن يرحل رئيس الجمهورية فسوف يفعل ذلك عن طريق الاقتراع وبصفة ديمقراطية وعلى الجميع أن ينتظر تلك اللحظة الحاسمة وأن يحترم خيار الشعب الموريتاني.
حوار / محمد ولد أحمد العاقل

SOURCE http://www.saharamedias.net


جريدة مستقلة رقم الترخيص 003 بتاريخ 19/1/2006 المقر : الحي الجامعي م 583 تلفون 00 (222) 46319207 انواكشوط ـ موريتانيا

contact@journaltahalil.com:البريد الألكتروني
تحاليل 2006-2022 جميع الحقوق محفوظة