عقد معالي وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية، السيد عبد الله سليمان الشيخ سيديا، رفقة معالي محافظ البنك المركزي الموريتاني، السيد محمد الأمين الذهبي، اليوم الجمعة بمقر البنك المركزي في نواكشوط، مؤتمراً صحفياً مع بعثة من صندوق النقد الدولي، برئاسة السيد فيليكس فيشر، نائب رئيس قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ورئيس بعثة الصندوق إلى موريتانيا، وذلك في ختام مهمتها التي استمرت أسبوعين.
ويأتي هذا المؤتمر في أعقاب مشاورات لمتابعة البرامج المشتركة، والتي توصل الطرفان في ختامها إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الخامسة قبل الأخيرة لبرنامجي «التسهيل الائتماني الموسع» و«التسهيل الائتماني الممدد»، إضافة إلى المراجعة الرابعة لـ«مرفق المرونة والاستدامة».
وأثمرت هذه المراجعة نجاحًا جديدًا للبرنامج، حيث تمكن البنك المركزي من بلوغ أهدافه الأساسية المتمثلة في تعزيز الضبط الميزانوي، ورفع مستوى الحوكمة إلى المعايير الدولية في إطار البرنامج الأصلي، إضافة إلى تحسين الحوكمة البيئية وتقوية القدرة على مواجهة الصدمات المناخية في إطار برنامج الصلابة والاستدامة، بما يعزز استدامة المالية العامة.

وفي كلمته الافتتاحية، ثمّن معالي وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية مستوى الدعم الفني والمالي المقدم من صندوق النقد الدولي لمواكبة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تنفذها الحكومة، مؤكداً أن التوصل إلى اتفاق بشأن المراجعة الخامسة يعكس نجاعة السياسات الاقتصادية والنقدية المتبعة، وقدرتها على امتصاص الصدمات وتعزيز الحوكمة البيئية، مشيراً إلى أن السياسات الحكومية تهدف أساساً إلى تعبئة الموارد العمومية اللازمة للاستثمار وخلق فرص العمل.
من جهته، أكد معالي محافظ البنك المركزي أن تنفيذ البرنامج الأصلي وبرنامج الصلابة والاستدامة يسير بشكل إيجابي، حيث تم تحقيق الأهداف الرئيسية المتعلقة بالضبط الميزانوي، وتطوير إطار السياسات النقدية وسياسات الصرف، بما يعزز قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات ويدعم مواءمة الحوكمة مع أفضل المعايير الدولية.

وأضاف أن موريتانيا ستحصل، عقب مصادقة مجلس إدارة الصندوق، على دفعة قدرها 6.44 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 8.7 مليون دولار أمريكي) في إطار البرنامج الأصلي، ونحو 59.44 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 80.6 مليون دولار أمريكي) في إطار برنامج الصلابة والاستدامة.
وأوضح أن هذه النتائج جاءت نتيجة فعالية السياسات الحكومية في مواجهة الصدمات المتعددة، ورفع التحديات التنموية، ومحاربة الفقر، وتمكين الشباب، وتقليص الفوارق الاجتماعية والإقليمية، مع تحقيق الأهداف الكمية للبرنامج حتى نهاية يونيو 2025، إلى جانب تقدم مهم في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الجارية، لاسيما المرتبطة بالتكيف مع التغير المناخي.
وأبرز المحافظ أن الاقتصاد الموريتاني أظهر قدرة كبيرة على الصمود رغم المخاطر الجيوسياسية، إذ بلغ معدل النمو 6.3%، ويتوقع أن يصل إلى 4.2% بحلول نهاية 2025، ويرتفع إلى 4.7% مطلع 2026، ليبلغ متوسط 5% بين 2026 و2029، مدفوعاً بانتعاش إنتاج الذهب والحديد وتوسع الزراعة وزيادة إنتاج الثروة السمكية، إضافة إلى آثار الإصلاحات الهيكلية. كما تقلّص عجز الحساب الجاري في النصف الأول من 2025، وبلغت الاحتياطيات أكثر من ملياري دولار أمريكي، فيما بلغت الاحتياطيات الدولية الصافية 1.46 مليار دولار، متجاوزة هدف البرنامج، مع توقع تراجع إضافي في عجز الحساب الجاري بما يدعم احتياطيات النقد الأجنبي على المدى المتوسط.

بدوره، أعرب رئيس بعثة صندوق النقد الدولي، السيد فيليكس فيشر، عن شكره للحكومة الموريتانية على مستوى التعاون، مشيداً بالأداء الجيد في تنفيذ الإصلاحات السابقة، ومؤكداً أن موريتانيا تسير في الاتجاه الصحيح عبر تحسين أطر المالية العامة والسياسة النقدية ومرونة سوق الصرف والحوكمة، مما يشكل أرضية مناسبة لجذب المزيد من الاستثمارات. كما جدّد استعداد الصندوق لمواصلة تقديم الدعم الفني والمالي لتعزيز قدرة الاقتصاد الموريتاني على مواجهة الصدمات، وتحسين الحوكمة البيئية، والحد من الآثار الاقتصادية للتغير المناخي.
حضر المؤتمر المدير العام للجمارك، والمدير العام للميزانية، والمدير العام للضرائب، ولفيف من أطر البنك المركزي وقطاع الشؤون الاقتصادية والتنمية.