
انتخب الموريتاني سيدي ولد التاه، اليوم الخميس، بأبيدجان، رئيسا للبنك الأفريقي للتنمية، حيث يخلف أكينوومي أديسينا، الذي تولى أمر تلك المؤسسة على مدى عشرة أعوام. وحظي ولد التاه بـ 76,18% من الأصوات، خلال الانتخابات التي جرت على هامش الاجتماعات السنوية للبنك الأفريقي للتنمية لسنة 2025، متقدما على أمادو هوت (السنغال)، وباجابوليل سوازي تشابالالا (جنوب أفريقيا)، وصامويل مونزيلي مايمبو (زامبيا)، وعباس محمد تولي (تشاد).
وفي حملته الانتخابية وعد ولد التاه بتعبئة 100 مليار دولار من التمويلات للارتقاء بالبنيات االتحية وتثمين الموارد الطبيعية في أفريقيا، في حال تولى أمر البنك الأفريقي للتنمية، حيث يعول على تجربته السابقة في حكومة بلده وفي مؤسسات دولية وشبكة علاقاته لجذب التمويلات بهدف فتح طريق جديد للنمو وتوفير فرص العمل. وتنص قوانين البنك الذي أسس في 1964، والذي يحوز فيه المساهمون الأفارقة أغلبية الأصوات، على أن الرئيس يجب أن يكون من أصول أفريقية، حيث يفترض أن يكون هناك نوع من التداول بين المجموعات الجهوية واللغوية التي تميز القارة السمراء، علما أن البنك يضم 27 بلدا مساهما غير أفريقيا، تمثل أوروبا وأسيا وأميركا.
وقد سبق لولد التاه أن تولى منصب وزير الاقتصاد والمالية ووزير الشؤون الاقتصادية والتنمية في موريتانيا (2008-2015). وعمل قبل ذلك مستشارا لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في موريتانيا (2006-2008). كما كان عضواً في العديد من المجالس الوزارية ومجالس الإدارات واللجان من بينها رئيس المجلس الوطني للإحصاء، والأمين الدائم للمجلس الرئاسي للاستثمار، وعضو مجلس إدارة البنك المركزي الموريتاني. وشغل ولد التاه أيضا عدة مناصب أخرى، من بينها محافظ موريتانيا لدى البنك الدولي، والبنك الإسلامي للتنمية، البنك الأفريقي للتنمية، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعديد من المؤسسات العربية والأفريقية الأخرى.
المغرب يقترض 282 مليون دولار من البنك الأفريقي للتنمية
وحصل ولد التاه على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة نيس صوفيا انتيبوليس وشهادة الدراسات المعمقة بعد الجامعية DEA (Diplome d’Etudes Approfondies) في الاقتصاد من جامعة باريس 7، بالإضافة لإكمال برامج تنفيذية متخصصة في الاستثمار والقيادة وإدارة الأصول والهندسة المالية في معهد هارفارد للتنمية الدولية (الولايات المتحدة) ولندن بزنس سكول (المملكة المتحدة) والمعهد السويسري للمالية (سويسرا). ومُنح الدكتور ولد التاه عدة أوسمة وجوائز، من أبرزها وسام فارس من نظام الاستحقاق الوطني في موريتانيا، ووسام الأسد (أعلى وسام وطني) من جمهورية السنغال، بالإضافة لوسام ضابط النظام الوطني التشادي.
يذهب ولد التاه إلى أن القارة تحتاج إلى تمويلات في حدود 100 مليار دولار بهدف تلبية حاجيات القارة على مستوى البنيات التحتية. تلك أهم نقطة في برنامجه الانتخابي، حيث يعد بمضاعفة إيرادات التمويل بعشر مرات. ويعول على دفع جميع المؤسسات المالية الأفريقية كي تسخر إمكاناتها لأهداف البنك الأفريقي للتنمية، وتوجيه الطفرة الديمغرافية التي تتوفر عليها القارة بهدف حفز النمو الاقتصادي وإعادة تثمين الموارد الطبيعية المحلية عبر بنيات تحتية منتجة للقيمة المضافة وفرص العمل.
البنك الأفريقي يموّل مصر بـ345 مليون دولار لدعم المشاريع الخضراء
يذكر أنه يصل إلى سوق العمل بين 12 و15 مليون شاب في القارة الأفريقية، بينما لا يتمكن الاقتصاد من توفير سوى 3 ملايين، معتبرا أن إتاحة 20 مليون فرصة عمل في المستقبل تقتضي تكوين الشباب في المهن الجديدة وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة كي تحصل على التمويلات وفتح السوق أمامها، والعمل على تحويل الموارد الطبيعة للقارة عوض تصديرها. ويتصور أن توفير تمويلات بقيمة 100 مليار دولار يمكن أن يتأتى عبر تعبئة المؤسسات المالية للبلدان الشريكة وأسواق الرساميل وجذب الصناديق السيادية وصناديق التقاعد، ويؤكد على أهمية التمويلات التي يمكن الحصول عليها من مجموعة التنسيق العربية، الذي يعتبر تحالفا إستراتيجياً يهدف لتوفير استجابة منسَقة للتمويل التنموي.
ويستحضر تجربته على رأس المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا على مدى عشرة أعوام، حيث يؤكد أنه يدرك طبيعة انتظارات الأفارقة، ويشدد على أنه يحيط بالكيفية التي يمكن بها إقناع المؤسسات المالية المانحة بالمساهمة في تنمية القارة. يتجلى من تصريحاته أنه يعول على شبكة علاقاته التي نسجها في العالم العربي، هو الذي ترأس على مدى عشرة أعوام المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا. ويعتقد أن التمويلات العربية مازالت ضعيفة، حيث يراهن على زيادة مساهمة الدول العربية في البنك، مع جذب الصناديق السيادية في دول الخليج التي يمكن أن تنخرط في مشاريع استثمارية في القارة، خاصة في ظل تشديد ولد التاه على الدور الذي يجب أن يضطلع به القطاع الخاص.
alaraby