أشرف معالي مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، السيد الشيخ أحمدو ولد أحمد سالم ولد سيدي، اليوم الخميس في نواكشوط، على إطلاق أنشطة مشروع لحماية المهاجرين في موريتانيا يعرف اختصارا بمشروع “بروميس”.
ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز قدرات موريتانيا في مجال حماية حقوق المهاجرين وتحسين التعاون الإقليمي بين دول غرب ووسط وشمال إفريقيا لتطوير استراتيجية مبنية على حقوق الإنسان مراعية للنوع الاجتماعي في قضايا تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر.
ويعتبر هذا المشروع الذي سينفذ خلال السنتين المقبلتين مبادرة مشتركة بين مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المنظمة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بتمويل من مملكة هولندا.
وتشمل مجالات تدخل المشروع تقديم الدعم التقني ووضع خطة عمل لمكافحة تهريب المهاجرين، وتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي لمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وتعزيز قدرات المصادر البشرية في قطاع العدل، وتنظيم حوار إقليمي بين دول غرب وشمال إفريقيا حول قضايا حقوق المهاجرين والقضايا المتعلقة بتهريبهم والاتجار بالبشر.
وتشمل مجالات تدخل المشروع كذلك إجراء مسح لتحديد التحديات والثغرات في مجال حقوق الإنسان والحماية الاجتماعية، وتحديد الصعوبات التي تعيق ولوج المهاجرين إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنظيم بعثات رصد وتتبع لتقييم وضعية المهاجرين في موريتانيا، والقيام بحملات توعية وتحسيس للمجتمع حول حقوق الإنسان والهجرة.
ومشروع حماية المهاجرين (بروميس) هو مشروع إقليمي خاص بدول غرب إفريقيا، بدأ تنفيذه على مراحل منذ سنة 2016، حيث استفادت دول مالي والنيجر والسنغال من مرحلته الأولى (2016-2018)، واستفادت دولتي غامبيا وساحل العاج من مرحلته الثانية (2017-2021)، واستفادت دول بوركينافاسو وتشاد ونيجيريا، من مرحلته الثالثة (2021-2024)، ليتم بعد ذلك توسيع نطاقه ليشمل موريتانيا (2023-2025).
وأوضح مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، في كلمة بالمناسبة، أن هذا المشروع يأتي تماشيا مع المقاربة المبنية على حقوق الإنسان التي تتبناها الحكومة الموريتانية في وضع السياسات والبرامج العمومية حيث تحتل حماية وترقية حقوق الإنسان محور اهتمامها ومرتكزها الأساسي.
وأضاف أن هذا البرنامج الذي سيساهم في تعزيز الجهود الحكومية في مجال محاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين يأتي انسجاما مع البرنامج السياسي لرئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي أكد في أكثر من مناسبة على ضرورة نبذ المسلكيات والممارسات الضارة وتجاوز رواسب وتبيعات التقاليد البالية التي يتناقض بعضها مع التقدم الكوني في مجال حقوق الإنسان.
وقال إن الحكومة الموريتانية عملت خلال السنوات الأربع الماضية على تعزيز الإطار القانوني والمؤسسي الناظم لمحاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، إضافة إلى اتخاذ جملة من الإجراءات الهامة التي ساهمت بشكل فعلي في حماية وترقية حقوق الإنسان في بلادنا.
وأضاف أن من ضمن هذه الإجراءات اعتماد قانونين يتعلق الأول منهما بمنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وحماية الضحايا، ويتعلق الثاني بمحاربة تهريب المهاجرين، وإنشاء خلية مشتركة بين وزارة العدل ومفوضية حقوق الإنسان والنيابة العامة مكلفة بالمتابعة الدائمة لملفات العبودية والاتجار بالأشخاص المعروضة أمام القضاء، وإعداد ونشر التعميم الوزاري المشترك بين وزراء العدل والداخلية والدفاع لدعوة أعضاء النيابة العامة وتوجيه ضباط الشرطة القضائية لاتخاذ الإجراءات اللازمة للتطبيق الصارم للقوانين المتعلقة بالاتجار والاسترقاق.
وأشار إلى أن من ضمن هذه الإجراءات كذلك تفعيل آلية جديدة لتلقي ومعالجة الشكاوى المتعلقة بممارسة الرق والاتجار بالبشر لدى مصالح المفوضية، لتصبح طرفا مدنيا في قضايا الاسترقاق، وتنظيم العديد من حملات التحسيس وورش التكوين لصالح الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين في مجال محاربة الاتجار بالبشر، وإنشاء صندوق دعم ومساعدة ضحايا الاتجار بالأشخاص، وإطلاق رقم أخضر مجاني 1916 للإبلاغ عن حالات الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.
وثمن معالي المفوض إطلاق مشروع حماية المهاجرين في موريتانيا، راجيا أن يمثل دعامة حقيقية لمواكبة وتعزيز الجهود الحكومية، مشيرا إلى أنه يعول على المواكبة الفنية للمشروع للرفع من قدرات وكفاءات القطاعات والهيئات العاملة في مجالي محاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.
أما الممثلة المقيمة لمنظومة الأمم المتحدة، السيدة لاليا بيتريس يحيا، فقد هنأت موريتانيا على ما قامت به من جهود معتبرة في مجال محاربة الاتجار بالبشر، مشيرة إلى أن اعتماد ترسانة قانونية وإنشاء هيئة وطنية لمحاربة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين كلها إجراءات تظهر عزم موريتانيا على المضي قدما في هذا الاتجاه.
وأشارت إلى أن إطلاق هذا المشروع على مستوى موريتانيا سيساهم في تعزيز جهودها في مجال محاربة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، مشيدة بالخطوات التي قطعتها موريتانيا في هذا المجال، وفي مجال حماية وترقية حقوق الإنسان بصفة عامة.
وكان القنصل الشرفي لمملكة هولندا في موريتانيا، السيد نبيل حجار، قد أشار في كلمة قبل ذلك، إلى أن القيمة المضافة للمشروع هي التأكيد على مقاربة حقوق الإنسان ومحاربة الاتجار بالبشر بصفة خاصة، مهنأ الحكومة الموريتانية على الإنجازات التي حققتها في مجال حماية وترقية حقوق الإنسان بصفة عامة.
وأشار إلى أن استفادة موريتانيا من هذا المشروع -الذي تم تنفيذه في ثمان دول من دول غرب إفريقيا -يكتسي أهمية كبيرة لتعزيز جهودها في مجال محاربة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.
جرى حفل الافتتاح بحضور رئيس الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، ورئيسة المرصد الوطني لحماية حقوق المرأة والفتاة.