
حظي الشباب باهتمام كبير في السياسات العامة للحكومة، إذ يعد عنوان المرحلة الحالية (المأمورية الثانية لرئيس الجمهورية)، لذا وضعت الحكومة استراتيجية واضحة المعالم على المديين المتوسط والبعيد للنهوض بالشباب من خلال التأطير وخلق فرص العمل، وتذليل كل الصعاب في سبيل ذلك، للحد من التأثيرات السلبية للبطالة التي تعد أكبر تحد يواجه الشباب.
ويعد التشغيل نقطة الارتكاز التي يتمحور حولها الاهتمام العام لسياسة الحكومة، مما يستوجب منا أن نسلط الضوء على قضايا التشغيل والتكوين، ومواءمته مع متطلبات سوق العمل لما لهما من أهمية بالغة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد.
ووعيا بأهمية الموضوع ومواكبة للجهود التي تبذلها الحكومة في هذا المجال، ولما تحقق من نتائج ملموسة لصالح الشباب، والآفاق المستقبيلة التي تسعى الحكومة لتحقيقها في هذا الإطار، أوضح المدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل، السيد عبد الفتاح عبد الفتاح في مقابلة مع الوكالة الموريتانية للأنباء أن من أهم تجليات ومظاهر اهتمام السلطات العليا في البلد بالشباب وضع الشباب على رأس سلم أولويات المأمورية الرئاسية الحالية، وذلك برفعه شعار: “مأمورية الشباب وللشباب”، وإنشاء قطاع خاص بتمكين الشباب والتشغيل، وهما محوران أساسيان في عمل الحكومة.
وأضاف أن الحكومة تعمل على رفع قابلية تشغيل الشباب من خلال التكوين المهني، وتقريبهم من سوق العمل عبر تعزيز آليات الربط بين المشغلين وطالبي الشغل وتحسين شفافية السوق، وهو ما انعكس في توفير الوكالة الوطنية للتشغيل لمئات من عروض العمل والتدريب خلال الأشهر الماضية على موقعها الإلكتروني.
وقال إن وكالة التشغيل نظمت – برعاية الوزارة الوصية، وبالتنسيق مع الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين مؤخرا – ملتقى مع الفاعلين في سوق العمل لمناقشة موضوع الشفافية والربط بين طرفي السوق، في إطار تكثيف وتوحيد الجهود لعرض الجزء الأكبر من الفرص المتاحة للشباب بصورة شفافة.
وأشار إلى أن القطاع عمل على إعادة هيكلة مشاريع التشغيل من أجل ضمان تجانسها وتكاملها نحو تحقيق الهدف المنشود، مما مكن، خلال الفترة ما بين أغشت وأكتوبر 2024، من تمويل 1099 مؤسسة صغيرة ومتوسطة، و1169 نشاطا مدرا للدخل، ودعم 152 من المشاريع القائمة.
وأوضح أنه يجري حاليا العمل على خلق 200 موطن شغل في قطاع الزراعة، وتوفير تمويلات لفائدة 400 مشروع في ولايات كوركول وكيدي ماغا وبلدية دار النعيم بنواكشوط الشمالية، بالإضافة لمشروع نموذجي تم إطلاقه لخلق فرص العمل في مجال النقل الحضري بولايات الحوضين ولعصابة.
وبين أنه سيتم إطلاق مشاريع أخرى مماثلة في قطاعات مثل الصيد، والتنمية الحيوانية، وغيرها من سلاسل القيم الواعدة، كما سيتم إنشاء شباك خاص بدعم ريادة الأعمال خاصة النسائية والشبابية، مضيفا أن كل هذه المشاريع تمت دراستها ووضعت معايير موضوعية لاختيار المستفيدين منها على أساس الكفاءة والقدرة على التطور والاستعداد للعمل الجاد دون مراعاة لأي معايير غير موضوعية.
وبخصوص الآفاق المستقبلية المفتوحة أمام الشباب في موريتانيا، أضاف المدير العام لوكالة التشغيل أنه استنادا للتصنيف الذي ورد في برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني “طموحي للوطن”، يعمل القطاع على فتح آفاق جديدة لكافة الفئات الشبابية، سواء منها تلك التي ما تزال في طور التكوين والتدريب على غرار خريجي المحاظر الذين تعمل الوكالة الوطنية للتشغيل حاليا على إعداد عرض خدمات خاص لتسهيل ولوجهم نحو سوق العمل، أو فئة الشباب الباحثين عن العمل الذين تم إطلاق برامج موجهة لدعمهم ومواكبتهم نحو السوق.
وفي ذات السياق، يضيف المدير العام أنه يجري إعداد برامج أخرى لخلق المزيد من فرص العمل، وتمويل مشاريع التشغيل الذاتي لصالحهم في الشعب الإنتاجية، وسلاسل القيم في القطاعات الاقتصادية الواعدة مثل اللحوم والألبان والصيد والنقل والزراعة وغيرها.
وأضاف أن الأشهر الماضية من المأمورية الحالية شهدت إطلاق برامج نموذجية تجريبية، وسيتم توسيعها وتطويرها ابتداء من العام المقبل.
وكشف عن استراتيجية واضحة في هذا المجال تدخل ضمن اختصاص الوكالة، ستعمل على تطوير مهارات الشباب، والرفع من قابلية تشغيلهم، خاصة في المجالات والتخصصات المطلوبة في سوق العمل والتقدم للفرص المتاحة في السوق، مؤكدا أن الوكالة مستعدة لمواكبة ودعم الشباب الباحثين عن العمل من أجل تطوير مهاراتهم ومساعدتهم في البحث عن الفرص والاستثمار في تمويل مشاريع لفائدتهم.
وبدوره أوضح المدير المساعد بالإدارة العامة للتكوين المهني، السيد محمد فال ولد يحي، أن التكوين التقني والمهني يلعب دورًا حيويًا في التنمية الاقتصادية لموريتانيا، حيث يهدف إلى تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لتلبية احتياجات سوق العمل في قطاعات استراتيجية، مثل البنية التحتية، والطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها من التخصصات التي يحتاجها السوق.
وقال بخصوص توسيع وتنويع عروض التكوين المهني، إن الحصيلة التي حققها القطاع كبيرة والآفاق واعدة، مبرزا أن عدد مقاعد مدارس التكوين المهني انتقل من أقل من أربعة آلاف مقعد في السنة الدراسية 2018-2019 إلى حدود ثلاثة عشر ألفا في السنة الدراسية 2023-2024، كما حقق قفزة نوعية مع بداية المأمورية الثانية مطلع السنة الدراسية الحالية 2024-2025 بزيادة قاربت 40%، حيث وصل عدد المقاعد إلى ما يربو على 19000، وهو ما يشكل دليلا واضحا على تحقق الهدف الذي تبناه برنامج “طموحي للوطن” بتوفير 115.000 فرصة تكوين للشباب الموريتانيين في أفق 2030.
وفي إطار تحسين مواءمة التكوين مع متطلبات سوق العمل، أوضح السيد محمد فال ولد يحي أن القطاع باشر بالتحضير مع مختلف اتحاديات أرباب العمل الموريتانيين وغيرها من المنظمات المهنية برنامج شراكة يتم بموجبه التحديد الدقيق لحاجيات مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني من المهارة، وتطوير مختلف أنماط التكوين مع المقاولات.
وأضاف أن الوزارة وقعت اتفاقية مع الاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين، ستتيح المرحلة الأولى منها تكوين 8000 شاب في القطاعات ذات الأولوية منها 6000 خلال السنة الجارية مؤكدا على أنه بخصوص تعزيز جاهزية خريجي مدارس التكوين لممارسة المهن، سجل القطاع تقدما في تنفيذ برنامج ترسيخ السلوك المدني، والرفع من مستوى الإعداد البدني في أكبر ثلاثة مدارس للتكوين المهني، بالتعاون مع وزارة الدفاع وشؤون المتقاعدين وأولاد الشهداء.
تقرير محمد سالم أجدي